بقلم/ بسمة حجازي
ما بين التسيير والتخيير مساحة محددة فى خريطة المكتوب لعلم العليم المسبق بما سيكون قبل أن يكون، تسمى الاختيار… شماعة “القدر” منها براء. فهل يعقل أن يحكم القاضى بالقصاص من القاتل وهو مسير فى جريمته ؟! هل يعقل أن أستيقظ فى الصباح وأقرر مثلا خلع الحجاب وأبرر خلعه بأنه أمر الله المكتوب فى اللوح المحفوظ ؟!! هل يعقل أن يعق العاق والديه ويبرر بأنه لو شاء الله لهداه ؟ !! هل يعقل أن تلقى الأم بوليدها إلى التهلكة بحجة أنه لو شاء الله له حفظا لحفظه ؟ ! هل يعقل أن ندعى أن ابن الحرام ولد فى عالمنا من باب النصيب الذى كتب على والديه الزناة أن يقعا على بعضهما فى الحرام فكان هذا اللقيط بسبب النصيب الذى جمع بينهما فى لحظة شيطانية ؟! هل يعقل أن يحاسبنا الله على ذنوب اقترفناها، فقط لأنها قدر؟ ! هل يعقل أن يدخل الجنة من سيدخل ويدخل النار من سيدخل من باب النصيب وليس من باب النية والقصد والعمل مع سبق الإصرار والترصد ؟ ! قطعا حاشا لله أن يكون ظلاما للعبيد “وما ربك بظلام للعبيد”… ومن هنا يكمن السر فى منطق الحساب، ويؤكد أن استخدام مصطلحات “النصيب” و”القدر” بهذا المفهوم محض افتراء على رب العباد هدفه تسكين الضمائر والنفس اللوامة؛ للتخلص من عذاباتها وتعاسات اختياراتها وتحمل مسئولية تقرير المصير، والأحرى مواجهة النفس بالحقائق بقوة وشجاعة واستخدام كل معطيات العاطى الوهاب فى الأخذ بالأسباب قبل تحقيق الأفعال انسياقا خلف الأهواء أو إذعانا واستسلاما للتيار. لقد أعطى الله الإنسان روحا تحمل فى طياتها فطرة سليمة، وعقلا يحمل فى تلافيفه العميقة منطقا وفكرا قويما، ونفسا تناقش وتجادل ذاتها قبل الذوات الأخرى، وقلبا يحمل فى نياطه بصيرة، وجوارح تعيننا على وضع الاختيار موضع الفعل والتنفيذ، فهل يعقل أن يمنحنا الله كل هذا وأكثر، ثم نتعلل أمام قاضى الضمير وفوقه صانع هذا الضمير بأن الخير والشر فى حياتنا مجرد خيط فى نسيج القدر، وورقة من ورقات اليانصيب ؟ ! فى الحقيقة “شماعة القدر” و”النصيب” من ذنوبنا براء.