إن التعايش والتعارف بين الأمم قد فرضه الله علي الناس جميعا وليس علي أصحاب الديانة الواحدة أو الجنس الواحد وقال في ذلك” وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ” ولم يقل جعلناكم دينا واحدا لتعارفوا ولاشك أن لكل دين نصوصه وقواعده وقيمه التي يؤمن بها أصحابه ولا يجوز بأي حال أن ينعت بعضنا البعض بالكفر مهما كانت درجة يقينه بصحة عقيدته فهذا مسلم يؤمن بصحة الإسلام وذاك مسيحي يؤمن بصحة المسيحية ولو أن كل منا وصف الآخر بالكفر فكيف نتعايش في وطن واحد كنسيج واحد تجمع بيننا الإنسانية والأخوة في الوطن، ويتوجب علي الجميع عدم الخوض في ساحات من العقيدة لا تنفعنا في شيء بل تضر الجميع وتشق المجتمع وتعكر صفو الأشقاء في الوطن الواحد، ودعونا نلتقي في أفق واسع تتفق فيه كل الأديان وأن نترك حرية المعتقد لصاحبه فيعتقد صحة ما يشاء وخطأ ما يريد طالما لا يضر أحدنا البعض ولنا في رسول الله الأسوة والقدوة الحسنة فقد تعايش مع أديان وعقائد مختلفة والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي جدوى تكفير الآخرين وماذا تضيف إلي أي من أصحاب الديانات،إن القواسم المشتركة بيننا كثيرة تمكننا من العيش في صفو ومحبة، وإذا كان رب العزة يقول علي لسان نبيه ” لكم دينكم ولي دين ” فقد ترك للكافرين حرية اختيار دينهم فما بالنا ونحن إخوة الوطن, لسنا في حاجة إلي إثارة مثل هذه الإختلافات التي ربما تنشأ بسبب سوء فهم وسوء التفسير وعلي الجميع احترام الجميع ودعونا نبحث عما نبني به الوطن وليس عما يهدم ويفكك البناء .
أما الاشكالية الكبرى تكمن في اتجار البعض بالدين والمغالطة في التأويل عن قصد وبث أفكار مسمومة ،ناهيكم عن تجنيدهم للمجاذيب من البسطاء وتوجيههم حسب مبتغاهم واستخدامهم لترهيب الآخرين باسم الدين،إن تجار الدين ليسوا فقط الذين يوظفونه حسب المواقف بل حسب مصالحهم الشخصية حتى لو كان المقابل ضياع الوطن ،إن أثر هؤلاء أكثر خطورة من الارهاب الظاهر لأنهم يتخفون في عباءة الدين ويتبعهم ويصدقهم الكثير فيتيهون بهم في متاهة التفسير المغلوط والأفكار المتطرفة وبدلا من بناء عقولهم يمسخونها وبدلا من شرح صحيح الدين يذهبون بهم إلى دجل لا ينتهي،وبدلا من شرح القيم الصحيحة التي تقوم على التعايش والتسامح وحب الوطن وحب الآخر يبثون سمومهم فيصنعون عقول مبتورة يحمل أصحابها أفكار مسمومة تحض على العداء والكراهية ،ان الاشكالية مع الذين يوظفون الدين لمصالحهم أنهم لا يحرصون على انسان ولا يخافون على وطن وشغلهم الشاغل كيف يحققون مكاسب حتى لو كان المقابل ضياع الجميع،لذا وجب علينا تصحيح علوم الدين من التفسيرات المنقوصة وتنقية القائمين عليها من المتربحين والمتربصين .