إن الصحافة الإقليمية هى الأقرب للمجتمع المحلى والتى يمكن أن تعبر عن مشكلاته وآماله وطموحاته إذا قامت بدورها بشكل صحيح داخل مجتمعها باعتباره الوحدة المصغرة للوطن الأم ,فعن طريقها يمكن إحاطة أفراد المجتمع المحلى علما بأبعاد التنمية وخططها ومتطلباتها وخاصة فى ظل الأوضاع الجديدة التى تعيشها مصر ومع حركة التغيير الجارية فى مختلف الإتجاهات على الساحة الوطنية .
ولكى تقوم الصحافة الإقليمية بدورها عليها أن تكون انعكاسا صادقا ومعبرا عن الثقافة والبيئة التى تعمل فيها , ولكى ينجح رجل الإعلام فى رسالته لابد له من دراسة الأفكار والقيم الشائعة بين الناس حتى يمكن تناول القضايا المعبرة عن همومهم ,فالإعلام الناجح هو ما ينقل للناس صورة ما يجرى ويمس حياتهم وشئونهم ,فنجاح الإعلام الإقليمى فى القيام بدوره أحد أهم أسباب تقدم المجتمعات وخاصة المجتمعات النامية حيث يقوم كوسيط بين السلطات المحلية والجماهير ويكون منظومة من الأولويات التى تحدد وتبرز أهداف التنمية وتدفع الجماهير للمشاركة فيها .
ومما يؤخذ على الصحافة الإقليمية القائمة اليوم أنها تغرد بعيدا عن فلك جمهورها وتحتاج إلى جهود كبيرة للنهوض بها لتواكب الصحافة الإقليمية الفعلية، فلا هى توقفت ولا هى قائمة ولا يوجد سوى أسماء لصحف لا تتناول شيئا وليست سوى وسيلة للتربح إن لم يكن ( الاسترزاق ) ,وقد فشلت الصحافة الإقليمية فى إقناع جمهورها بأنها تعبر عنه وتتناول قضاياه الحقيقية ,ولم تستطع تلك الصحافة الحفاظ على التوازن فى معالجتها الصحفية ففى حين تجاهلت قضايا حيوية أفرطت فى تناول قضايا هامشية , كما انها لم تقدم حلول أو حتى مجرد اقتراحات مما أدى إلى فقدان الثقة فيها وعدم الرضا عن مستوى أدائها ,كذلك غابت عنها الصحافة الاستقصائية والتى هى عصب الصحافة الإقليمية التى تنقب عن الفساد وحل محلها ما يمكن أن نطلق علية بيزنس الكشف عن الفساد فى شكل موضوعات صحفية تتخذ شكل الحملات والتي تنال من مصداقية الجريدة والصحفى ,وافتقدت الصحف الإقليمية إلى المصداقية والخبرة والمهارة لدى المحررين فى الأقاليم وهذا ليس عيبا فيهم فقط بقدر ما هو تقصير من مؤسسات التدريب الصحفية التى لم تركز على تأهيلهم وتزويدهم بما يحتاجونه من مهارات تناسب طبيعة عملهم ,كل هذه الأسباب جعلت الصحف الإقليمية لم تؤدى دورا ملموسا فى مجتمعاتها المحلية وبدلا من قيامها بدور فى التثقيف والتنوير للرأى العام المحلى والتصدى للقضايا التى تواجه هذه المجتمعات تحولت إلى وسيلة للابتزاز والتشهير أو التهليل والمديح ففقدت مصداقيتها وتخلى عن متابعتها الجمهور وعدم التعويل عليها والانصراف عنها فأصبحت كأن لم تكن ولا وجود لها إن كانت ما تزال موجودة .