اختلف كثيرا مع الرأى القائل إن الذين يقومون بمحاولات الهجرة غير الشرعية عبر السفن والمراكب فى البحر المتوسط، هم من الفقراء أو الباحثين عن فرص عمل غير موجودة فى مصر، وهذا غير صحيح بالمرة ربما باستثناءات قليلة للغاية ونادرة من هذه المناطق والقرى الواقعة على شاطئ البحر المتوسط مثل برج رشيد، وبرج مغيزل، والجزيرة الخضرا أو القادمون من المحافظات الأخرى.
القرى المنتشرة على شاطئ البحر ليست من القرى الفقيرة. وجل أبنائها سافروا عبر الطرق غير الشرعية إلى الساحل الأوروبى بحثا عن حلم الثراء، وليس الغنى أو «الستر» بنوا قصورا وفيلات وتعاملوا باليورو، وليس بالعملة المحلية، هو حال بعض القرى فى المحافظات غير الساحلية أيضا الذى هاجر أبناؤها.
سألت أحد الأصدقاء من أبناء رشيد عن حجم تكلفة الرحلة وعن الأحوال المعيشية فى هذه المناطق، ياللدهشة، المقعد الواحد فى هذه القوارب المتهالكة يكلف الفرد الواحد يصل إلى 70 ألف جنيه! فهل نعتبر هؤلاء من الفقراء؟ أم هى أسباب أخرى غير نغمة الفقر والبطالة و أغانى العديد والرحيل والغربة والسفر والموت؟
أسباب أخرى أعرفها وراء حلم الرحيل، بدأت مع هجرات الجيل الثانى من أبناء الجيل الثانى لهذه القرى، وأهمها الوجاهة الاجتماعية والغيرة العائلية التى نشأت بين عائلات هذه القرى بعد ظهور علامات الغنى والثراء.
الصديق العزيز قال لى إن هذه القرى تتمتع بفرص عمل كثيرة، خاصة فى الصيد وموسم جنى البلح، للدرجة التى لا يجد فيها أصحاب مراكب الصيد أو أصحاب نخل البلح فى رشيد- بلد المليون نخلة تقريبا- من يعمل من الشباب أو غيرهم فى هذه المهن، وأجر الفرد يوميا يتجاوز المائة جنيه، هذه المناطق لا تعانى كثيرا من البطالة بل من عدم توفر الأيدى العاملة.
المسألة ليست فى البطالة والفقر. والدليل استضافة مصر لحوالى 5 ملايين لاجئ، من بينهم سوريون وعراقيون وفلسطينيون، وتوفرت لديهم فرص عمل، ولم يعيشوا فى مخيمات بل سعوا للرزق فى مصر ووجدوه.
للأسف البعض يرى أن الحياة تهون من أجل حلم الثراء، وأن الموت مجانى فى قاع البحر.. وهذه قضية أخرى تتطلب تدخل دولة لردع تجار وسماسرة الموت