بسمة حجازي تكتب . حدوتة إخوانية
لا شىء مدهش فى الحدوتة الإخوانية المكررة فى كل عام عن حرب أكتوبر، والتشكيك فى الانتصار العظيم، ولا شىء مثير فى أن تلك الحدوتة الرثة والمهترئة تلقى دعما من بعض متطرفى اليسار، فماذا تنتظر من جماعات قررت تصفية خصوماتها السياسية على جثة الوطن ذاته، فعلها أهل اليسار مع السادات من قبل، كما فعلها الإخوان مع عبدالناصر، كما يعيد الإخوان تكرارها الآن بعد 30 يونيو، كلهم متشابهون يود الواحد فيهم أن يشوه الوطن بأكمله حتى ينتقم من خصمه السياسى، وهؤلاء مصيرهم إلى زوال، بينما أبطالنا فى أكتوبر مصيرهم الخلود.
لم يرحموا مصر كلها، وخرجوا من باطن الأرض يدفعهم الغدر وتغذيهم أفكار سوداء ليقتلوا الرئيس السادات ويسلبوا معه بعضا من الفرحة بذكرى الانتصار فى قلب كل مصرى، رصاصاتهم التى استقرت فى صدر الرئيس الراحل لم تقتله فقط، بل حولت يوم الانتصار إلى عزاء، وجعلت من المنصة مسرح جريمة بعد أن كانت ساحة انتصار، لهذا لا يمكن أن نسامحهم أبدا.. نحن لا نسامح القتلة.
لن نسامح خالد الإسلامبولى، وعبدالسلام فرج، وعطا طايل، وعباس حسين، وعبدالحميد عبدالسلام، وعبود الزمر، وكل شيوخ الجماعة الإسلامية، ومن أثبتوا من بعد أنهم على قلب تطرف واحد معهم، سواء كانوا من الإخوان أو الجبهة السلفية، و«حازمون» وغيرهم.
لن نسامح مرسى وإخوانه حينما أجلسوهم بأيديهم الملطخة بالدماء فى منصة احتفالات ذكرى أكتوبر قبل 3 أعوام من الآن، ولن نسامح كل من شارك بالقول والفعل فى جريمة السادس من أكتوبر سنة 1981 ليس فقط، لأنهم غدروا بالرجل يوم انتصاره، ولكن لأنهم فتحوا الباب لطوفان من الدم والعنف يطاردنا بإرهابه حتى الآن، أسسوا لنوع جديد من نشر الإسلام، كما يقولون، مازالت آثاره عالقة فى أذهاننا حتى الآن، بل وتزورنا قنابله وسياراته المفخخة ورصاصاته الغادرة، انتقاما من شعب يلفظهم.
هم لم يقتلوا السادات فقط، بل اعتمدوا السلاح من بعده وسيلة للتفاهم وصاروا أبطالا، وقدوة لشباب جماعتهم، الذين نشروا فى أرض مصر الإرهاب ونشروا فى أرض العالم صورة مشوهة وشريرة للإسلام، فما نعانيه الآن وما عانيناه فى التسعينيات ليس مقطوع الصلة بمجموعة خالد الإسلامبولى، وما فعلته أمام المنصة وما برره لهم الإخوان بعد ذلك، ولهذا لا يمكن أن نسامحهم أبدًا.
إنهم قتلة ولا شىء آخر حتى وإن كانوا مجرد عرائس ماريونيت حركتهم أيادى مؤامرة أكبر منهم، كما يعتقد البعض، جناة على مسرح جريمة مازالت تفاصيله موجعة ومؤلمة وتسرق بعضًا من فرحتنا بيوم عظيم، الذين ينشر جراد الأرض المسمى بالإخوان الكثير من الأكاذيب، الذى تشكك فيه كيوم نصر كبير، ظنا منهم أنهم بذلك ينتقمون من سلطة قائمة، بينما هم فى الأصل ينتقمون من وطن يريدون حرقه، لأنه لم يمكنهم من سرقته.
حدث ما حدث، وشارك السادات فى اغتيال نفسه، حينما منح التطرف فرصة للظهور والانتشار مثلما يحدث الآن ونشاهد بأعيننا قتلة آخرين مثلهم مثل السابقين، ضحايا لأفكار دينية متطرفة عادت لتنتشر فى شوارعنا الآن، كما تنتشر النار فى الهشيم، وتستعد إلى أن تحيلنا إلى ضحايا كما فعلت فى السادات سنة 1981، وفعلت فينا من بعدما سالت الدماء فوق المنصة، تعلموا من خطأ السادات ولا تفتحوا للمتطرفين بابا للعودة حتى وإن أعلنوا التوبة فقد فعلوها من قبل، وقالوا إنهم فتحوا باب المراجعة، ثم استيقظنا بعد 25 يناير و30 يونيو لنكتشف أن المراجعات بالنسبة لتيار الإسلام السياسى المتطرف لم تكن مراجعات فكرية، بقدر ما كانت مراجعات لطرق جديدة يذبحون بها سلام وأمن هذا الوطن.