بسمة حجازي
غياب القانون الخشن ضد المتلاعبين بالغلابة سيضاعف المشكلة حتى ولو غرقت الأسواق بكل السلع
اختفاء السكر، والأرز والزيت والسمن من المناطق الشعبية، والعشوائيات، فى الوقت الذى تتوافر فيه نفس السلع فى المناطق الراقية، وتحديدا فى القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية، يطرح تساؤلات غير بريئة، عن السر وراء اختفاء هذه السلع فى هذه المناطق وربطها بالدعوات للخروج فى ثورة الجياع 11/11، فالأمر مرتب له بعناية كبيرة.
خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار، أن تجارة البقالة تحديدا يتحكم فيها جماعة الإخوان الإرهابية، وعدد من رجال الأعمال التى تتصادم مصالحهم مع مصلحة النظام الحالى لجشعهم ونهمهم الشديد فى التربح الكبير والضخم من دماء الشعب، لذلك بدأوا فى تعطيش الأسواق فى المناطق الشعبية والأكثر فقرا، لتتصاعد حالات التذمر والضيق والغضب، ومع استمرار الحالة سيتولد الانفجار.
تأتى هذه المخططات، بينما الحكومة مستسلمة، ووديعة، وحنينة، ولطيفة وتتعاطى مع هذه المشكلة الكارثية وكأن الأمر لا يعنيها، وغارقة فى تفاصيل بعيدة عن اهتمامات الناس، ومنشغلة بما يقدمه برامج التوك شو من انتقاد، وما يتردد على السوشيال ميديا عن اختفاء الدولار، والتأثر الشديد بما يبديه النشطاء،والنخب الفاسدة من معارضة وآراء تافهة وسطحية.
تعالوا نعترف، أن هناك غيابا تاما وقويا للرقابة الرسمية على الأسواق، وطالما غابت قوة القانون الخشن ضد المفسدين والمتلاعبين بأقوات الناس، لن تجدى أية حلول حتى ولو تم إغراق الأسواق بكل السلع المهمة، وسيستمر المفسدون والمحتكرون يتلاعبون ويجدون من الحيل لتعطيش السوق، الكثير، دون أى جهد وعناء.
ونسأل الحكومة، ووزارة التموين عن السر وراء عدم مراقبة الأسواق، ورفع حالة الطوارئ للقصوى، وأن يملأ مفتشو التموين «الشرفاء» والذين يتمتعون بنظافة اليد والسمعة الجيدة، المراكز التجارية والمحلات والأسواق فى المناطق الشعبية قبل الراقية، وفى القرى والنجوع والكفور قبل المدن، لإعادة الأمور لنصابها.
لا يمكن للدولة أن تترك الحبل على الغارب للتجار الجشعين والمفسدين وللجماعات المتطرفة تسيطر على الأسواق وتتحكم فى السلع الاستراتيجية وأسعارها، وهى ترتضى بدور المتفرج، وتجتمع خلف ستائر المكاتب الوثيرة تبحث وتناقش كيف تخفض الأسعار، مع أن الحل سهل ويسير، تشديد قبضة رقابة الدولة، وتفعيل القانون بكل قوة وحسم، من خلال كل الأجهزة الرقابية فى هذا الوطن، ولا تترك لبعض أمناء الشرطة ومفتشى التموين الذين نحوا ضمائرهم جانبا، ويبحثون عن مصالحهم الشخصية، التحكم فى ملف مراقبة الأسواق!!
مطلوب من كل الأجهزة الرقابية، أن تضاعف حملاتها للتفتيش فى المخازن المكدسة بالسلع التموينية المدعمة، ومعظم هذه المخازن تحت سمع وبصر الأجهزة الرقابية المختلفة، وللأسف هناك غض الطرف عنها، وغياب تام لإرادة حل المشكلة من جذورها، والقضاء على المفسدين والمحتكرين، وقطع يد كل من تسول له نفسه اللعب بأقوات الشعب.
ونحن فى هذه الظروف الصعبة، والوضع الاقتصادى المتردى والسيئ، جدير بالحكومة، ومن خلفها كل أجهزتها الرسمية، أن تضع مراقبة الأسواق بكل قوة، على قمة فقه أولوياتها، ولا تترك للمتلاعبين والمحتكرين والمفسدين من السيطرة والتحكم فى الغلابة وجلدهم وحرقهم بنار ارتفاع الأسعار الدائم دون رحمة.
الوضع خطير، ومساحات التلاعب بأقوات الناس فى زيادة كبيرة للغاية، وأكبر من سقف خيال الأجهزة ومؤسسات الدولة الرسمية، ولا يمكن لها أن تضع يدها على خدها منتظرة الفرج أن يفيض من السماء، ولكن عليها التحرك سريعا، والآن قبل غد، وأمس قبل اليوم، لكبح جماح المحتكرين والمفسدين والجماعات الإرهابية والسياسية الحقيرة التى تقف وراء ما يحدث.
على الحكومة ومن قبلها الدولة، أن تركل حنيتها، ورقتها، بعيدا، وأن تظهر عين القانون الحمراء، لمحاسبة المفسدين، لا يمكن ومن غير المقبول أو المتصور أن تتركوا الأسواق دون رقابة شديدة؟ الناس بدأت تضج، والحلول سهلة ويسيرة، ويبقى التحرك السريع.