كتب ياسر عبد الرازق
تستعد فرقة فلاحين المنصورة لتقديم العرض المسرحي “مآذن المحروسة” في قري ومراكز الدقهلية وستكون البداية بمركز شباب منية سندوب في الحادي والعشرين من يناير الجاري.
وفرقة فلاحين المنصورة هي احدي فرق الهيئة العامة لقصور الثقافة أسسها المخرج سرور نور بداية الخمسينات من القرن الماضي، تتميز الفرقة بتقديم عروضها في أي مكان داخل القرى المصرية، وهي أول فرقة مصرية تقدم عروضها في سيناء بعد تحريرها عام 1978 حيث قدمت مسرحية “المفتش العام “ كما اشتركت الفرقة في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في 1992 بمسرحية “الجازية الهلالية”، و تم تكريم المخرج سرور نور بهيئة قصور الثقافة وكان المكرم الوحيد من الأقاليم.
عندما تولى الكاتب يسري الجندي إدارة المسرح طلب من مخرجها سرور نور تقديم عروض خارج إطار العلبة الايطالية، وبالفعل قدمت الفرقة ما يقرب من 400 عرضا داخل محافظة الدقهلية واستطاعت من خلال تلك العروض أن تجذب الجماهير إليها.
وقد صرح صبري ناصف أقدم أعضاء الفرقة ومديرها وأحد مؤسسيها، والمخرج المنفذ لمعظم أعمالها قال:
الفرقة تجري هذه الأيام بروفاتها على مسرحية الكاتب الكبير محمد أبو العلا السلاموني “مآذن المحروسة “ من إخراج الفنان احمد عبد الجليل، الذي يقدمها في قالب غنائي استعراضي، و قد انتهت الفرقة من البروفات وسوف تقدم عروضها خلال الأيام القادمة. أضاف: وفي خطة الفرقة هذا العام التجوال بهذا العرض في عدد من الموقع، سواء على خشبة المسرح أو في أي ساحة أو مكان مفتوح، والعرض بطولة مجموعة من شباب الفرقة الواعدين.
بينما قال مخرج العرض أحمد عبد الجليل، وهو أحد مؤسسي الفرقة، إنه تلقى تكليفا من عادل حسان مدير إدارة المسرح، بعودة الفرقة للتجوال مرة أخرى والخروج للجماهير في الأماكن المفتوحة، كالحدائق العامة والنوادي المنتشرة في الدقهلية، و وأنهما اتفقا مع المؤلف محمد أبو العلا السلاموني على هذا الشكل المسرحي، فكان علي واجب التفكير في أدوات جذب للجمهور الذي ابتعد عن المسرح، فتم الاتفاق مع المؤلف في تقديم نص “مآذن المحروسة” على شكل أوبريت غنائي، والممثلين هم من يغنون ويقدمون الاستعراضات، فيما عدا المطربة ياسمين سعد التي عادت إلى الفرقة بعد ان تركتها لفترة طويلة.
وتمنى عبد الجليل ان تنجح التجربة في إعادة إحياء هذا الشكل المسرحي واعادة جذب الجمهور من خلال الكوميديا والغناءوالاستعراض.
فيما قال دكتور أيمن علي، مصمم الاستعراضات :”أبو العلا السلاموني” يعد من أكثر كتاب جيله عناية باستلهام التاريخ في أعماله، فالعرض “مآذن المحروسة” يتعرض لفترة تاريخية هامة من تاريخ مصر، وهي فترة الاحتلال الفرنسي، و تقدمه فرقة المحبظاتية، ويحرض على الثورة ضد المعتدي المحتل، أيا كان اسمه أو شكله أو العباءة التي يتخفى وراءها.
أضاف على “العرض يبدو تحريضيا أيضا، فهو ضد الاستسلام لفكرة العجز عن التغيير التي يمكن إسقاطها على الواقع وقد تناوله مخرج أحمد عبد الجليل بطريقة جديدة، في شكل غنائي استعراضي، اوبريت متكامل وتجربة ممتعة توفر لمصمم الاستعراضات المساحة لإظهار قدراته الفنية والاستمتاع بالعمل. وتمنى أن تظهر التجربة بالشكل الذي يليق برؤية مخرجها الكبير.
واعرب الملحن علاء غنيم عن سعادته بالتجربة الغنائية للمسرحية ، موضحا أنها تسير على نهج الأوبريتات الغنائية القديمة، التي تحتاج إلى جهد كبير وجلسات عمل مستمرة، وقد أثمرت هذه الجلسات مع المخرج احمد عبد الجليل، والشاعر يسري حسان عن تحويل مناطق درامية كثيرة جدا إلى مناطق غنائية تخدم المشهد الدرامي، من حيث الثراء الفني، وصلت إلى أربعة عشر منطقة غنائية درامية استعراضية، راعينا فيها تنوع الآلات الموسيقية لتتناسب مع روح العرض المسرحي.
تابع غنيم “والجميل أيضا غناء أبطال العرض المسرحي بأصواتهم الحقيقية، دون الاستعانة بمطربين محترفين من خارج العرض، وذلك تم بعد تدريبات مكثفة وبروفات شملت كل أعضاء الفرقة لتدريبهم على طريقة الغناء الصحيحة.. لذا أتمنى ان ينال العرض إعجاب الجمهور”.
وصرح الممثل مصطفي فتحي قال إنه يقوم بدور “كتخدا “ مستحفظان المحروسة، وأن العرض يتحدث عن قدوم الحملة الفرنسية عام 1798 وكيف قامت الثورة ضد هذا الاحتلال و أظهرت مشاعر المصريين وذكاءهم في مقاومة هذا الاحتلال عن طريق الفن ورجال الدين من مجاورين الأزهر الذين توحدوا ليكون الفن هو اقرب طريق لنشر الوعي والانتماء عند المصريين . أضاف فتحي “أسعدتني جدا رؤية المخرج ان يقدم العرض في برواز غنائي راقص، يبسط خلاله للجماهير مضمون العرض، وأنه يتضمن أيضا كثير من القيم والعادات والتقاليد مثل أهمية نهر النيل للمصريين وعروس النيل وطقس الطهور”
أضاف فتحي شخصيتي “كتخدا” هو المسئول عن الأمن وعلى الرغم من إنه تركي الأصل إلا انه باع نفسه للفرنسيين تحت شعار (الغاية تبرر الوسيلة ) ولكنه يدفع الثمن في النهاية مع الغزاة.
وتحدث الممثل “أحمد فاروق”عن دوره قائلا:
هو من مجاورين الأزهر الشريف، ويعرف سعدون كبير المحبظاتية، وقد علم ان نابليون استعان بالمحبظاتية لتشخيص وجهة نظره، فشارك مع سعدون في تشخيص شخصية الشيخ عبد الله الشرقاوي شيخ الأزهر وقت المماليك والفرنسيين، وواجه الوالي العثماني، ثم واجه نابليون ولكنه كان يميل إلى سلمية المفاوضات حرصا على دماء المصريين، باعتبارها أمانة، كما شخص أيضا شخصية المجاهد محمد كريم الذي ضحي بنفسه من أجل الوطن.
وتحدث الممثل مخلص صالح وهو من مؤسسي فرقة الفلاحين قائلا: أقوم بدور (سعدون نقيب المحبظين) و أنا سعيد جدا بهذه التجربة التي أعدها نقلة جديدة للفرقة، حيث يقدم العمل في إطار اوبريت غنائي استعراضي، ويثبت ان الفرقة قادرة علي تقديم اي عمل مهما كان، لما بها من كوادر واعدة من ممثلين وغيرهم من عناصر قام بتوظيفها المخرج لتحقيق الفرجة المسرحية و الاستعراضية كنسيج واحد يحقق المتعة البصرية والحسية، خاصة مع وجود أنماط مختلفة من الشخصيات بها أبعاد درامية تستهوي الممثل.
فيما تحدث الفنان صلاح ياسين إنه يقوم بدور الشيخ محمد رفيق الشيخ أحمد في رواق المجاورين، وشارك سعدون في التشخيص فقام بدور الشيخ السادات الذي كان من أكبر الشيوخ مقاما وأعظمهم شأنا وأوسعهم جاها، والذي يرفض التفاوض مع نابليون باعتبار ان التفاوض فيه مهانة ،وكان يرفض ان يكون رجل الدين التابع للسلطة أيا كانت.
و من الممثلين الشباب الفنان رجائي الجميل الذي أعرب عن سعادته بالعمل مع فرقة فلاحين المنصورة و بأنه جزء منها. وقال: تناول العرض دور رجال الفن في المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي بالتعاون مع رجال الأزهر في إطار كوميدي استعراضي، فريد من نوعه.. وهي تجربة مثيرة جدا بها التمثيل والغناء بشكل سريع الإيقاع واضح المضمون وهو ما يبحث عنه الجمهور في وقتنا الحالي. أضاف: نجح المخرج في خلق توليفة كوميدية غنائية تجمع بين شيوخ وشباب المسرح ما أضاف للعرض الكثير من الإبداع والرقي.أما عن الشخصية التي يقوم بتجسيدها فقال : هي “نابليون بونابرت” قائد الحملة الفرنسية الذي اشتهر بالحروب التي قادها وأحرز فيها لفرنسا انتصارات جعلت منها مركزا هاما في القارة الأوروبية.. وهو من الشخصيات المعقدة التي تعتمد على الذكاء والدهاء في تعاملها مع المصريين، حيث حاول السيطرة علي أفكارهم بإقناعهم ان الحملة لم تأت للاستعمار ولكن لكي تخلصهم من حكم المماليك.
وأعلن انه اعتنق الإسلام هو وجنوده، ولكن أهل الفن بالتعاون مع الأزهر كانوا على الوعي بخطته وعلي استعداد للتصدي له بسلاح الفن المصري الشعبي، فاشعلوا فتيل الثورة الشعبية التي انتهت بالقضاء علي الحملة.
ويقول الفنان محمد وحيد الذي يقوم بدور”حسونة الموزون” أحد المحبظاتية : هي تجربة فريدة من نوعها فى المسرح الشعبي، حيث تم تحويل العرض إلى اوبريت غنائي، فزاد من متعة العمل من حيث أعطي مساحات أمام الممثلين للغناء والاستعراض وهو ما أعطى للعمل طابعا خاصا .
أما عن الدور النسائي في العرض (زوبه) فتقدمه المطربة ياسمين سعد وتساعدها فيه الفنانة الصاعدة أميرة طه، وتتحدث عن دورها قائلة: بعد غياب خمسة عشر عاما عن العمل أعود إلي المسرح لأنه بالنسبة لي عمر طويل و حياة، والعودة جاءت من خلال المخرج احمد عبد الجليل الذي يقدر قيمة العمل اليومي وفرقة تعمل بجد وإتقان وتفان.
أضافت ياسمين “مآذن المحروسة “ تجربة غنائية جديدة أغني فيها الأغنية الفردية و الدويتو والموال والأغنية الجماعية مع زملاء يؤدون الغناء بإتقان، وأزعم ان الأوبريت سوف يثير الجدل والنقاش وسيزيد الوعي بين المتفرجين .