متابعة : رامى محمود
من أسبوع مصر كلها كانت بتتكلم عن قصة الطيارات الخاصة الفالكون اللي اشترتها مصر من فرنسا، لما “الرأي العام” يبقى مهتم جداً بقصة كده الطبيعي إن الدولة تحترم الشعب بتوضيح واضح ومحدد، واستنينا أسبوع كامل وكنا مستعدين نعتذر كمان، لكن اللي حصل كان العكس، محاولات تهرب وخداع مختلفة، خلينا نشوف مع بعض: ١- النفي المجهول: يوم الثلاثاء بالليل اتنشر أول نفي في موقع جريدة الوطن الساعة ٨ و٢٣ دقيقة. الخبر من سطر واحد: “أكدت مصادر سيادية لـ”الوطن” أن الرئاسة لم تتعاقد على شراء أي طائرات مؤخرا، وأنها ليست الجهة المنوطة بذلك”. بعدها بـ ٢٥ دقيقة اتنشر خبر شبيه في اليوم السابع، وناس كتير اتخدعت ان ده معناه الرئاسة نفت. – مفيش حاجة اسمها نفي رسمي بمصادر مجهولة! الرئاسة عندها متحدث رسمي هو السفير علاء يوسف، ومجلس الوزراء له متحدث رسمي هو السفير حسام قاويش، والقوات المسلحة ليها متحدث هو العميد محمد سمير .. النفي ملوش إلا مصدر من تلاتة، المسئول بنفسه، أو (المتحدث الرسمي)، أو يصدر (بيان رسمي) .. لكن لا مؤاخذة المصدر المجهول ده نصرفه منين؟ – وكمان يعني ايه صيغة “الرئاسة ليست الجهة المنوطة بذلك”؟، كإن كل المطلوب حد يقول أنا مليش دعوة .. ده معناه ان جهة تانيه بالدولة ممكن تكون اشترت؟ طيب ما طبيعي الرئاسة فعلاً ليست جهة الشراء، وطائرات تنقل كبار المسئولين بتكون تابعة للقوات الجوية زي سرب طائرات مبارك.
٢- “هنجيبها وهنشغلها”! يوم الأربعاء الإعلامي أحمد موسى، المعروف طبعاً بعلاقاته الأمنية، اتكلم عن الموضوع في بداية برنامجه اللي بيذاع الساعة ٨ مساءا، قال إن الصفقة حقيقية لكن لسه التوقيع لم يتم، وأكد إن الموضوع مش سر ده ضمن اتفاقية شراء مصر للطيارات الرافال من نفس الشركة. أحمد موسى قال إن الطائرات دي مش جاية للرئاسة أو لمجلس الوزراء، وبعدين قال حاجتين متناقضتين، قال ان الطيارات دي هتاجرها شركة مصر للطيران عشان تشغلها وتجيب فلوس، وقال برضه انها هتخصص لتنقلات ضيوف مصر من القادة والرؤساء. وختم كلامه قائلاً: “احنا البلد الوحيدة اللي بتتكلم عن صفقات وقعها الجيش .. محدش بيعمل ده في العالم، في أمريكا وفرنسا وبريطانيا محدش يجرؤ يتكلم الجيش عمل ايه ومعملش ايه!”، طبعاً ده كلام كاذب تماماً، وهنناقشه في المستقبل انشاء الله
٣- النفي الوهمي دي بقى أكبر فضيحة حصلت، والمسخرة كمان انها حصلت أثناء ما احمد موسى بيقول إن الصفقة حقيقية، فجأة كل المواقع تقريبا من الساعة ٨ ونصف نشرت خبر ان الشركة الفرنسية نفت بيع الطائرات لأي جهة في مصر .. الخبر كان مكتوب فيه ان المصدر هو بيان رسمي من موقع الشركة نقلته وكالة الأنباء الفرنسية. لما دورنا لقينا ده كذب كامل، على موقع الشركة مفيش بيانات، وعلى وكالة الأنباء الفرنسية مفيش ولا كلمة .. تلفيق كامل. المفاجأة بقى إنه طلع مصدر الكذب ده هو وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية، بعتته لكل الصحافة ونشروه، وبعد ساعتين فقط الوكالة نفسها حذفته من عندها، وغالبا ده عشان خافوا يتعرضوا لقضية ترفعها عليهم وكالة الأنباء الفرنسية أو الشركة نفسها. للأسف كل المواقع المصرية محدش نزل اعتذار للناس أو توضيح للخبر الكاذب ده، الموقع الوحيد اللي احترم القراء ونزل “سحب خبر” هوا موقع أصوات مصرية التابع لوكالة رويتز
٤- السكوت بعد الغلوشة خلاص بعد ما الناس اتلخبطت خلال يومين، كل جهات الدولة والصحافة سكتت تماما، وظهرت أحداث جديدة الناس تتلهي فيها، ورهانهم طبعا إن الناس هتنسى والحكاية هتعدي
! ***** كل اللي حصل ده بيؤكد إن الموضوع حقيقي فعلا، لو محصلش كان سهل جداً النفي الرسمي، أو حتى كان كفاية حد يقول كنا بنتفاوض ولغينا الفكرة بسبب غضب الناس، وده في حد ذاته ايجابي. خلال الأيام دي كمان ظهرت أمور جديدة تؤكد صدق الموضوع: – ظهر إنه كان منشور أخبار قديمة عن الصفقة من أبريل ويونيو في لاتريبيون والأهرام وموقع مركز ناصر للدراسات (ده كيان مستقل غير اكاديمية ناصر الخاصة بالجيش)
. – جريدة الشروق نشرت نقلاً عن “مصادر مطلعة” برضه إن الصفقة حقيقية لكن مازالت بمرحلة التفاوض، وإن الطائرات فعلاً “مخصصة على المستويين الرئاسي والحكومي
” – المهندس هشام خليل بعت يسأل جريدة لاتريبيون عن الخبر، فردوا عليه إن الخبر صحيح والصحفي اللي كتبه واسع الإطلاع، لكن “ربما السبب في عدم وجود أنباء رسمية هو رغبة الجانب المصري في ذلك.”، وبالمناسبة خبر لاتريبيون اللي سبب كل ده كان خبر بيمدح مصر ومبسوط بالصفقة لانها أفادت الشركة اقتصادياً، مش بيحرضوا وجو المؤامرة ده! *
*** القصة دي نموذج فاضح لإهانة كاملة للشعب المصري، إهانة إهانة أولاً بالصفقة نفسها لما يتقال للناس اتقشفوا وبعدين من فلوسهم يتجاب طيارات فاخرة بحوالي ٤ مليار جنيه، وثانياً إهانة بالتجاهل الكامل للكلام مع الناس، وثالثاً إهانة بمحاولات التهرب والخداع اللي شرحناها، واللي ثبتت الموضوع أكتر! – مطلوب من مسئولي الدولة كلام واضح صريح، إما تقولو إحنا لغينا الصفقة دي، وإما تقولو هنشتريها ومبرراتها كذا وكذا ويتعرض على البرلمان والرأي العام.
– مطلوب من كل موقع وجريدة نشروا الخبر الكاذب عن بيان النفي من الشركة وعن كلام وكالة الأنباء الفرنسية الوهمي ينزلوا اعتذار، وأولهم طبعاً وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية اللي لازم يتحاسب اللي عمل كده ويتعرف مين اللي أصدرله أمر نشر الإشاعة دي؟
منقول من الموقف المصرى