بقلم : بسمة حجازى
لم أرَ فى حياتى تطاولا وتجاوزا فى حق الجيش المصرى مثلما أرى الآن، سفالة تتجاوز الحدود ووقاحة تتعدى كل الخطوط الحمراء فى حق جيش لم يفعل فى تاريخه سوى الدفاع عن هذا الوطن من السقوط، جيش كل جريمته أنه يضحى دائمًا من أجل البلد، يقدم أرواح أبنائه فداء ترابها ومن أجل أهلها .
لم يذنب فى حق أحد، لم يتجاوز دوره ولم يمن على الشعب مرة بما يفعله، أعرف شخصيًا كثيرًا من أبناء جيشنا ضباطًا وصف ضباط يتحملون مسئوليات تنوء بحملها الجبال، ويتألمون من ثقل المهام، لا ينامون وبعضهم لا يرون بيوتهم وأسرهم لستة أشهر أو أكثر، لكنهم لا يعرفون الشكوى ولا يجيدون المتاجرة بآلامهم، وما يصبرهم على كل هذا كلمة “وطن”.
إيمانهم بهذه الكلمة وحده يستحق أن تكتب عنه مؤلفات، لأنه ليس ادعاء ولا تفاخر ولا تعليمات، وإنما شعور وقناعة ويقين.
مرات يأتى خبر استشهاد ضابط أثناء وجودى بين رجال القوات المسلحة، فأسمع تعليقهم بكلمة واحدة، يابخته، أخد أفضل مكافأة للدفاع عن بلده، يا رب نلحق بيه .
ورغم كل هذا يتعرض هؤلاء الأبطال لأحقر وأقذر حرب تدار ضدهم وتستهدف معنوياتهم والتشكيك فى فدائيتهم، ولا أعرف لماذا نصمت على هذه الإهانة التى لا يراد بها سوى تشويه جيش مصر والسخرية منه وكسر هيبته والمساس بمصداقيته التى يتمتع بها على مدار آلاف السنين بين الشعب المصرى .
الحملة القذرة التى تستعر الآن هدفها بوضوح شديد إسقاط المؤسسة التى تسند ظهر البلد فى هذا الظرف العصيب، تسعى لحرمان عبد الفتاح السيسى من المؤسسة التى تقف لتساند مشروعه لمستقبل مصر .
هى ليست حملة أبرياء ولا وطنيين ولا باحثين عن مصلحة مصر ولا غاضبين من أجل المواطن، حتى وإن ادعوا ذلك، حتى وإن أقسموا أنهم غاضبون من تحميل الجيش ما لا يدخل فى مهامه.
فهم لا يشغلهم أوجاع الفقراء ولا هموم الوطن ولا المؤامرة الاقتصادية التى تدار لإسقاطه، بل هم شريك فى هذه المؤامرة، إن لم يكن عمدًا فجهلا وهذا أخطر.
من استيقظوا وخرجوا من جحورهم ليشعلوا الحرب الإلكترونية ضد القوات المسلحة لهز صورتها، ومن فتحوا صفحاتهم على فيس بوك وتويتر وكل مواقع السوشيال ميديا ليسخروا من تدخل الجيش فى توفير ألبان الأطفال، وكأنهم لا يعرفون خطورة اختفائه من الأسواق.
ومن يدعون أن الجيش يحتكر كل شيء ويتجاهلون أنه لم يتدخل إلا لما يمس الأمن القومى الذى إن تهدد فسيتحمل الجيش وحده عبء الدفاع عنه وحمايته، هؤلاء لا يمكن وصفهم سوى بالمرتزقة والراغبين فى اسقاط مصر .
ليس ذنب الجيش أن لدينا حكومة تضرب لخمة أمام كل أزمة، وليس جريمة أن يتدخل الجيش لإنقاذ البلد والشعب وقت الأزمات.
فى النهاية أنا لا يهمنى هؤلاء، وإنما يهمنى جدًا أن نفهم كمصريين نحب هذا البلد أن ما يحدث ليس حبًا فيها، وإنما طمعًا فى إسقاط آخر حصون الأمان لمصر، وعلينا أن نتخيل جميعًا ماذا سيحدث لمصر لو سقط الجيش المصرى لا قدر الله، ماذا لو كان جيش مصر ضعيف لا يقوى على حمايتها وتأمين حدودها وشعبها كما يتمنى هؤلاء ومن ورائهم، كيف كان حالنا لو واجهنا الإرهاب ومصر بلا جيش، أو كان لديها جيش ضعيف فر أمام المسلحين كما حدث فى دول أخرى، ماذا كان سيحدث لو حكمنا الإخوان وفعلوا بنا كما فعل أردوغان بجيشه، من كان سيتصدى لمؤامرة الفوضى لو غاب الجيش المصرى الوطنى عن المشهد.
من كان سيحمى المصريين من جشع التجار والمحتكرين ويواجه المهربين لكل السموم القاتلة لو لم يكن لنا جيش من خير أجناد الأرض.
لابد أن نجيب على هذه الأسئلة وبصدق قبل أن نفكر فى التعاطى أو الاستجابة للدعوات الخبيثة والحملات المغرضة التى تستهدف الجيش المصرى وتشويه صورته والتحريض عليه من قبل بعض وسائل الإعلام الغربية ومن المستغربين والعملاء والمأجورين
والجماعة الإرهابية على “فيس بوك”