مع وزراء مصر مش هتقدر تغمض عنيك
بسمة حجازي
التركيز على السير الذاتية وحدها ليس كافياً لاختيار الوزراء الجدد أو حتى رئيس الحكومة
رغم أن مصر يحكمها نظام رئاسى يكون الرئيس هو محور كل شىء، ويتم اختياره عن طريق صندوق الانتخابات.. بعدها يكون الرئيس جاهزا لاختيار معاونيه من الوزرارء والمحافظين وعلى رأسهم رئيس الوزراء الهمام.. حتى الآن يبدو كل شىء منطقى وبسيط، إلا أن الكارثة التى نمر بها فى مصر مختلفة فنحن نحتاج إلى حكومة فولاذية ورئيس وزراء فى يدية عصا سحرية فالمشاكل التى نجدها فى وزراة واحدة من الوزارات تكفى لإسقاط بلد لا لمجرد فشل فى أداء حكومة!!
هذا بالطبع لا يعنى أن السادة الوزراء أو رئيس الحكومة بمعزل عن المسؤولية، وأحب هنا أن أقترح مجموعة من الأفكار ربما تعين القائمين على اتخاذ القرار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فى حدود معرفتى الضيقة ورؤيتى البسيطة للمستقبل، فالشائعات الآن تتردد حول ضرورة اختيار رئيس حكومة جديد خلفا للدكتور شريف إسماعيل، والحقيقة لست مع أو ضد رئيس الوزراء أو حتى ضد الوزراء الأفاضل أو مؤيدة لهم، فالأحوال لا تبشر بالخير ما بين وزراة تعليم، فشل وزيرها فى الإملاء، وآخر بدلا من أن يكون نصيرا للغلابة إذا به يتلاعب بأقواتهم.. وآخر لا يعرف حتى كيف يتعامل مع منظومة الصحة؟ بل إنه عليه علامات استفهام عديدة.. وغيرهم من الوزراء الذين فشلوا فى مناصبهم من أول يوم وحتى الآن. والحقيقة أن الأمر ليس عيبا فى الاختيار بقدر أن المتاح والمعروض ليس كافيا، فصناع القرار فى مصر تقدم أمامهم السير الذاتية لعدد من المرشحين من قبل رجال الرئيس قد يكونون غير كافيين لكى يجرى بينهم المفاضلة والاختيار.
أعتقد أن الشهادات العلمية لسيادة الوزير أو حتى رئيس حكومته أمر مستحب وجميل ومطلوب، ولكن نحن فى مصر كما ذكرت سلفا فى حاجة إلى معجزة، بل عدد من المعجزات، هنا لابد وأن ننتظر ونفكر من يستحق أن يكون موجودا على كرسى الحكومة، ومن هم الوزراء المعاونون؟
بعد السيرة الذاتية المحترمة ستأتى الخبرة التى لا أعرف حتى الآن هل هى خبرة فى مجال التخصص، فمثلا وزير الصحة تكون خبرته فى مجال الطب باعتباره طبيبا أو أستاذا جامعيا.. أم خبرة فى اجتياز وحل مشاكل وزارتك وإدارة ملفات بعينها؟! وما علاقة مؤهلاتك الدراسية والعلمية والتحصيلية بقدرته على إدارة بلد بحجم مصر.
عزيزى المسؤول فى دوائر اختيار رئيس الحكومة والوزراء من فضلك أغمض عينيك وتخيل ماذا يفعل وزير الصحة فى الرشاوى التى تقدم فى قطاع الصحة أو أزمة نقص الأدوية، هل كانت له تجربة ورؤية لحل هذه المشكلات مثلا، ماذا يفعل وزير التعليم فى فصول المدارس الحكومية التى يصل تلاميذها إلى 60 أو 70 طفلا، ماذا يفعل مع قضية «المتسربون من التعليم».. أو قضية الغش فى الأمتحانات.. هذه مجرد مشاكل بسيطة من مشاكل أكثر تعقيدا.
قبل أن تختاروا وزيرا أو حتى رئيس حكومة لا ينبغى فقط النظر إلى سيرته الذاتية، أو ماذا قدم للبحث العلمى، فهذا ليس كافيا، ولابد أن يكون قد خرج من قلب الأحداث، وكان من المحتكين بوزراته، ولا مانع أن يتم إجراء انتخابات داخلية لاختيار وزير ما، فربما يتقدم للمنصب من هم أكثر تأهيلا مما نراهم على كراسى الوزارات بلا معنى، أو أن يقدم من يريد أن يشغل منصب وزير باستراتيجية جديدة لإنقاذ وزراته، فنحن نحتاج إلى من يدير منظومة حقيقية على أرض الواقع وليس منظومة ورقية فى خياله، فتصبح مؤهلات الوزير المقبل لأى وزراة هو قدرته على التعامل مع الأزمات، وإيجاد حلول يستطيع تنفيذها فى ظل أوضاع صعبة مثل التى تمر بها البلاد، فى أحد التجارب العملية التى قامت بها إحدى البلاد فى العالم تم إرسال كل الوزراء والمسؤولين للإقامة فى المناطق التى تعانى مشكلات حقيقية إقامة كاملة بعيدا عن أسرهم واستطاعوا من خلال معايشة يومية لهذه المشكلات تخطيها والوصول إلى نقاط تقدم أدت إلى طفرة اقتصادية واجتماعية فى هذه البلد، فهل وزراؤنا الكرام على استعداد لخدمة هذا الوطن بدلا من التفكير فى المكاسب والأمتيازات والحوافز والبدلات التى سيتقاضونها من مناصبهم؟!