يا شعب مصر : اتقوا الله فى أوطانكم
اااأيها المسئولون: استقيموا يرحمكم الله
بسمة حجازي
مش هبيع الصدق بالأكاذيب
و لا اقولش للحمل الوديع يا ديب
و لا اقولش للديب يا أعز حبيب
وعلى ذكر كلمات الغائب الحاضر دوماً.
الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى أكتب كلمات مقالى مستشهدة بهذه المعانى الرائعة التى تلخص ما يجول بنفسى من عوامل الضيق والحسرة على ما آلت إليه أحوال المصريين حكام ومحكومين !
فمن ناحية الشعب المصرى الذى كان ولم يعد مشهوداً له بالمروءة والكرم والإنسانية والوطنية والتدين الوسطى المعتدل، فقد تبدلت أحواله من حال إلى آخر مختلف شكلاً وموضوعاً، وقد ظهر هذا الاختلاف بوضوح بعد قيام ثورة يناير التى ظننا أنها أخرجت أفضل ما بداخل المصريين وأعلنت عنه بحرية، لكنها للأسف قد أخرجت لنا وبفظاظة وجوه غريبة لا نعرفها، وسلوك لا نقبله وأخلاقيات لم تكن يوماً من شيم شعبنا العريق !
فقد أساء غالبية المصريين استغلال حالة التحرر من القهر وخرس الألسنة ومصادرة الرأى المعارض والتعامل بالحديد والنار، فراح كل منهم يمارس حقه فى الحرية بالتعدى على حرية الآخرين ومصادرة آرائهم إن لم تكن متفقة مع رأيه وربما إعلان حالة من العداء السافر على من يختلف !
فضلاً عن حالة التبجح الشديدة فى كافة أشكال المعاملات اليومية؛ فلم يعد هناك احترام للكبير ولا عطف على الصغير كما تعلمنا !
ولم تعد هناك شهامة ومروءة المصريين المعتادة خاصة عندما تتعرض فتاة لأى شكل من أشكال الإساءة فى الشوارع أو الأماكن العامة !
ولم يعد هناك ضمير فى أى شىء، فبات المواطن يحلل لنفسه كل التجاوزات التى كانت سابقاً تعد جرائم يحاسب عليها القانون ويغضب منها الله ويتأرق لها الضمير، بحجة ضيق العيش وارتفاع الأسعار وصعوبة الحياة وخلافه !
فلم يعد الراشى والمرتشى يخجل من سلوكه، بل أصبح يعتبره حقاً مشروعاً دون أى غضاضة !
لم يعد هناك معارض لوجه الله ومصلحة الوطن، بل أصبح لكلٍ غرض ومصلحة ربما أن انقضت تجده شخصاً آخر بتوجهات أخرى لا تخطر لك على بال !
وهذا ما ينطبق على قطاعات كثيرة من السياسيين والإعلاميين ورجال الأعمال والنشطاء… إلى آخره .
والغريب فى الأمر أن هؤلاء لا يخجلون أبداً ولا يشغلون لهم بال بانكشاف وجوههم المتعددة أمام جموع الشعب، وكأنه طوى صفحة ليفتح الأخرى بلوك جديد يظن أنه سرعان ما سينطلى على هؤلاء الذين بدورهم قد فقدوا التمييز بين الخبيث والطيب فى حالة من الانهيار الأخلاقى لم تشهدها مصر على مدار تاريخها الموثق بالكتب.
أما المنوط بهم تطبيق القانون على الصغير قبل الكبير والغنى قبل الفقير وصاحب النفوذ والسطوة قبل المنكسر الضعيف، هم كذلك لا يقومون بأدوارهم ويرتكبون نفس الأخطاء بنفس الكيفية ! فأصبح القانون يطبق على فئة دون الأخرى، وفى موقف دون آخر مشابه له تماماً يستدعى نفس العقوبة ! فعجزت أجهزة الدولة وقوانينها عن إلزام المواطن بواجباته، وتغريمه وعقابه فى حالة الخطأ بشكل قاطع لا استثناءات به، ينطبق على الوزير قبل الغفير .
فإن كانت هناك صرامة فى تطبيق القوانين وإنزال الغرامات المادية الموجعة على المخالفين، لربما تنصلح أحوال المواطن المعوجة ويضطر رغماً عنه للالتزام واحترام نفسه التى لم يعد حتى يقو على احترامها فى السنوات الخمس العجاف الماضية !
أما فى ما نحن فيه من أحوال لا تبشر بالخير، لن تنصلح إلا بالتطهير العميق لبعض المؤسسات التى تفوح منها رائحة الفساد فيستقبلها المواطن ليستنشقها هو الآخر، فتصبح مع مرور الوقت أمراً عادياً مستساغاً، يحلل به لنفسه ممارسة الفساد كأمر واقع !!
فيا أيها المسئولون: استقيموا يرحمكم الله، وفعلوا القوانين حبيسة الأدراج، وشددوا العقوبات على المخالفين والمتجاوزين دون تمييز لأحد على الآخر، ليخشى الجميع قوة القانون وهيبة الدولة .
ويا شعب مصر :
اتقوا الله فى أوطانكم، وكونوا لها لا عليها، لعل الله يجعل لكم من بعد عسرٍ يسرا .