فى 29 إبريل 2007 أعلنت وزارة الاتصالات أن عدد التليفونات المحمولة قد وصل إلى 20 مليون مشترك، ووقتها كانت بعض الأصوات المأجورة تدعى أن السوق المصرى لا يحتاج إلى مزيد من الشركات، وأنه فى حالة «تشبع» من الخدمة، وبناء على هذا كان البعض يزعم أنه لا حاجة إلى شركة ثالثة تنافس الشركتين العاملتين بالفعل، لكن الحكومة وقتها كانت قد منحت بالفعل فى 2006 ترخيصا لشركة اتصالات مصر لتقدم خدماتها إلى الجمهور بنظام الجيلين الثانى والثالث، بعد أن سددت الشركة قيمة الترخيص البالغ وقتها 16.7 مليار جنيه، بالإضافة إلى نسبة %6 مشاركة فى العائد تحصل عليه الدولة، وبعد حوالى ثلاث سنوات تضاعف هذا الرقم مرة أو مرتين، وبحسب تقرير ذات الوزارة المنشور فى «اليوم السابع» 14 نوفمبر 2010 فقد وصل عدد المشتركين فى خدمة التليفون المحمول إلى 64 مليونا، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه فى هذا العام كانت «فترة الحماية» التى منحتها الحكومة لشركة اتصالات كانت قد انتهت منذ عام، وكان من حق الدولة وقتها أن تمنح شركة رابعة ترخيصا جديدا، فلماذا لم يحدث هذا الأمر؟ وكم أضاع علينا هذا التقاعس الذى مازال ساريا حتى الآن؟
بحسبة بسيطة، فقد حصلت مصر على 16.7 مليار جنيه فى 2006 من شركة اتصالات مصر مقابل منحها ترخيصا بالعمل فى مصر، ووقتها كان بمصر شركتان عاملتان تقتسمان السوق المصرى وتحققان أرباحا طائلة، فى حين أن عدد المشتركين فى مصر كان 20 مليونا فحسب، وهو ما يؤكد أن أى شركة تصل إلى رقم 10 ملايين مشترك هى شركة رابحة ومحققة لجدوى اقتصادية واستثمارية كبرى، بل وأقل من هذا الرقم بكثير، فعدد سكان تونس لا يزيد على الـ10 ملايين وتخدمهم ثلاث شركات محمول، فما الذى يعنيه هذا؟
ببساطة هذا يعنى أن مصر أضاعت على نفسها مليارات الدولارات نتيجة تكاسلها وتقاعس مسؤوليها وفسادها الإدارى المقيت، فقد وصل عدد المشتركين الآن إلى 96 مليون مشترك، لو تم تقسيمهم على 9 شركات وليس ثلاثة فحسب كانت مصر ستحصل على أكثر من 100 مليار جنيه مصرى، وكان من الممكن أيضا أن تشترط مصر أن تسدد هذه المبالغ بالدولار الأمريكى لتحل مشاكلها، هذا كله إذا ما حسبنا سعر الترخيص بنفس سعر عام 2006، وليس فى عام 2016، وهنا المعنى الحقيقى للمثل القائل «بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم».