رأيت من واجبي كمصري أن ارد على السيدة الكويتية صفاءالهاشم التي تشدقت في رسالتها وكأنها حازت الدنيا وأن الأنهار تجري من تحت أقدامها.
للأسف جاءت رسالة صفاء الهاشم نائبة مجلس الامة الكويتي ردا على الدكتورة منى مكرم وزيرة الهجرة المصرية بمثابة جرة من السم، وحملت الفاظا فظة غليظة، وذلك بعد واقعة الإعتداء الغاشم على سيدة مصرية بالكويت، وبناء على طلب النائبة (إن كنتوا نسيتوا اللي جرا هاتوا الدفاتر تنقرا)!
أقول لها بعيدا فتح عن الدفاتر.. إنها لقمة العيش يا صفاءالهاشم.. نحن لم نتسول في شوارعكم، وما خرجنا من ديارنا وشددنا الرحال لبلادكم لنستعطف قلوبكم أن تمنوا علينا بما أفاض الله به عليكم، بل انتم من سعيتم لخطب ودنا وطلب أيدينا وقدمتم لنا عقودكم مرهونة بتوقيعاتكم وبكامل ارادتكم لأنكم في حاجة إلينا، وعليه وفدنا لبلادكم.
سافر إليكم المدرس ليعلم ابناءكم واحفادكم مالم تعلموه لهم وليؤهلهم لأعلى الدرجات العلمية والوظيفية.
وسافر منا الطبيب ليستأصل أورامكم، وليشف جرحاكم، ويطببكم، ويداويكم ويخفف عنكم الآمكم.
وسافر منا المهندس ليبني لكم الفلل والقصور والجسور والمصانع ويرصف لكم الطرق ويشيد لكم الكباري.
وسافر منا القاضي ليحكم ويفصل بينكم فيما تنازعتم عليه من قضايا، وانصف بينكم ولم يختلف على حكمه إثنين.
وسافر منا أصحاب الفضيلة من حفظة القرآن الكريم ليسووا صفوفكم وليؤموكم في الصلاة وليرتلوا عليكم القرآن ترتيلا.
وسافر منا الطباخ ليقف أمام النار لساعات طويلة ليطهو لكم مالذ وطاب وقدمه لكم على موائدكم ليطعمكم، ولم يتذوق ملح ولا حلو ما صنعت يداه.
وسافر منا الخادم ليراع الله في اطفالكم وليرتب أثاثكم، ويغسل ثيابكم وليكون وفيا أمينا، وتحت رهن إشارة من اصبعكم
وسافر منا العامل البسيط لينظف شوارعكم من قاذوراتكم، وفضلات طعامكم، ولو تركها وشأنها لعجت مدينتكم بجيفة واصبحت كأشباح قبور ضجت بأموات ورميم.
كل هؤلاء خرجوا من ديارهم وخلفوا وراء ظهورهم أهليهم وفلذات اكبادهم لأنكم اعتمدتم عليهم مقابل منحهم لقمة عيش حلال، وليس للإهانة أو التطاول عليهم أو تجريحهم، ولكن مالم يتركه المصري خلف ظهره كرامته فهي أعلى من أنفه وأغلى من رأسه.
فإن تفاخرتي بأموالكم فإن قبور أجدادنا كانت ومازالت مبنية بالذهب والفضة وبها من الكنوز ما إن مفاتيحها لتنوء بالعصبة أولي القوة.
وان تفاخرتي بالحضارة فأهرامات بلادنا أعظم بناء حجري على الإطلاق وأحد عجائب الدنيا السبعة ومسلاتنا تشهد بأنا اسياد العالم.
وإن تفاخرتي بالعلم فأزهرنا الشريف قبلة الدارسين ومنارة جامعات العالم الإسلامي
وإن تفاخرتي بالالفه فموائد الرحمن في رمضان تشهد لنا بالحب والود ورقة القلب والتراحم
وان تفاخرتي بالحسن فمصر درة الروعة وقلعة الجمال وهبة النيل بشهادة المؤرخ اليوناني “هيروديت ”
وان تفاخرتي بالتدين فقاهرة المعز لدين الله صاحبة الألف مئذنة يرفع من فوقهم الآذان يزلزل أركان الدنيا.
وإن تفاخرتي بالصفاء فقلوب أولاد النيل السمر الشداد لا يملؤها إلا اللين والنقاء وما يجري في عروقهم إلا دماء ولبن.
وإن تفاخرتي بحدودكم فمصر دولة عابرة للقارات إمتدادها آسيا وأفريقيا وهي قلب العالم وجوهرة الامة العربية.
وإن تفاخرتي بخليجك فمصر بلد الخلجان (خليج السويس، وخليج العقبة، وخليج أبو قير، وخليج نعمة).
وإن تفاخرتي بالعظمة فمصر أرض الكنانة وأقدم المستوطنات البشرية ومقبرة الغزاة التي اندحر على أبوابها الرومان والمماليك والإنجليز والفرنسيين.
وإن تفاخرتي بقوتكم فلدينا جيش لا يقهر يسمى بمصنع الأبطال، وجندنا خير جنود الأرض بشهادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وإن تفاخرتي بأصلك فمصر أم الدنيا بلد السيدة هاجر زوجة خليل الله إبراهيم عليه السلام باعتبارها هي أم الأنبياء وأم سيدنا إسماعيل الذي هو أبو العرب، وعرب الحجاز من نسله.
وإن تفاخرتي بالكرامة فمصر كرمها رب العزة تبارك وتعالى في القرآن الكريم 5 مرات دون أي دولة في العالم.
هذه مصر يا صفاء الهاشم مصر التي ستظل شابة أبدا الدهر لن تشيخ ولم ولن يعبث في وجهها تجاعيد الزمن.. إنها جمال يخترق السمع والقلب.. إنها كحل عيون المصريين والمتأمل في جمالها يحار من أين يبدأ في وصفها.. هل يبدأ من بساطة وطيبة أهلها وبشاشة وجوههم وخفة دمائهم أم يبدأ بجمال نهر النيل في وقت السحر.. إنها جنة الله في أرضه.
حفظ الله مصر وأبناء وبنات مصر، ورد كيد الكائدين، وجعلها في امانه وضمانه وإحسانه إلى يوم الدين.
آمين يارب العالمين